تعد المواصفات القياسية الركيزة الأساسية لتحسين نوعية وجودة المنتجات المتداولة والارتقاء بها، ومن هنا تنبع أهمية المراجعة الدورية للمواصفات وتحديثها بما يخدم مستجدات تقنيات التصنيع ومتطلبات الأسواق المحلية والتصديرية. كذلك المواصفة القياسية السورية 182 الخاصة بزيت الزيتون التي صدرت لأول مرة عام1979، وأجريت لها عدة مراجعات وتحديثات (كالأصدر الثاني لعام 2000، والثالث 2016) بحيث تكون متوافقة ومتناغمة مع أحدث الإصدارات العالمية لزيوت الزيتون، وخاصة المواصفات العالمية للدستور الغذائي "لزيوت الزيتون" التي أجري عليها عدة مراجعات وهي حالياً قيد التحديث حيث تناقش الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ومنها الجمهورية العربية السورية ممثلة بهيئة المواصفات السورية المقترحات المقدمة لتعديل بعضاً من بنودها.
تتباين المواصفات الخاصة بزيوت الزيتون بين بلدان العالم كون المعايير والصفات الفيزيائية والكيميائية والحسية المدرجة فيها تتعلق بالأصناف والأنواع الموزعة منها، إلى جانب تأثير الطبيعة الجغرافية لكل بلد والعوامل المناخية التي تعرضت لها ثمار الزيتون خلال موسم انتاجها، الأمر الذي يقتضي ضرورة وضع مواصفات عالمية ناظمة لتجارتها حول العالم.
تتضمن المواصفات المحلية والعالمية عدة محددات لتقييم نقاوة وجودة وسلامة زيوت الزيتون، ويعتمد التصنيف العالمي لجودة زيت الزيتون على درجة حموضته التي تقسيمه إلى ثلاث درجات تعرف(بزيت ممتاز، ونوع أول، وزيت عادي)، ويتسبب تجاوز زيت الزيتون البكر عن درجة الحموضة 3 بعدم استقراره وإمكانية فساده، لذلك تعد المواصفة العالمية الزيوت متدنية الجودة نتيجة ارتفاع حموضتها زيوت صناعية بحاجة لمعاملات صناعية (تكرير الزيت) لجعلها صالحة للاستهلاك وتفرض مواصفات بعض الدول ضرورة خلط زيت الزيتون المكرر بزيت زيتون بكر لاستعادة بعض خواصه التغذوية والصحية التي فقدها خلال معالجته بالتكرير.
تعمد معظم الدول إلى تسويق أفضل وأجود أنواع زيوت الزيتون التي لديها من الأنواع الممتازة أو فائقة الجودة نظرا لأنها تباع بأثمان مرتفعة وتحقق عائدات اقتصادية جيدة من بيعها وتصديرها، بينما يقتصر تداول الأصناف متدنية الجودة وغير المستقرة تخزيناً (نتيجة ارتفاع حموضتها كصنف زيت الزيتون العادي) على الأسواق المحلية، مع إمكانية تصديرها بصورة سائبة “دوكما" كزيت صناعي خام (بحاجة لمعالجة بالتكرير قبل أن يوضع في الاستهلاك).
نتيجة عدم تداول صنف زيت الزيتون العادي في التجارة العالمية إلى جانب سحب تداوله في معظم مواصفات الدول المتقدمة، تم تقديم مقترح بسحبه من المواصفة العالمية وتم منح مهلة للدول التي تجيز تداوله محلياً بموجب مواصفاتها حتى عام 2028، لتحسين وزيادة انتاجها من الأصناف الجيدة من زيوت الزيتون على حساب الاصناف الأقل جودة، حتى لا يتسبب اعتماد هذا المقترح بأي منعكسات سلبية على اقتصاداتها، باعتبار أن الزيوت متدنية الجودة كزيت الزيتون العادي ستباع عند تصديرها كزيت صناعي خام وبأثمان بخسة. منوهين إلى أن سحب أو حذف زيت الزيتون العادي من المواصفة العالمية لا يفرض أبداً سحبه من المواصفات الوطنية أو منع تداوله محلياً.
إن زيادة وتحسين جودة زيوت الزيتون السوري تقتضي تضافر الجهود والعناية به على امتداد سلسلة انتاجه من الحقل وحتى مائدة المستهلك، وفي هذا الإطار تم توفير أدلة خاصة بالممارسات الزراعية الجيدة لإنتاج ثمار جيدة تورد لمعاصر الزيتون كما تم إصدار مواصفة قياسية سورية خاصة بدليل إنشاء وتشغيل وإدارة معاصر الزيتون الأمر الذي سينعكس إيجاباً على جودة زيت الزيتون السوري المنتج من قبل أصحاب المعاصر في حال تم التقيد بما هو وارد فيها، والاعتناء بتخزين وتعبئة الزيت بعبوات جيدة تحفظه وتضفي عليه قيمة مضافة تزيد قدرته التنافسية في الأسواق العالمية وتحقق من تصديره عائدات اقتصادية كبيرة.